باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان وعلم الساعة وبيان النبي صلى الله عليه وسلم له ثم قال جاء جبريل عليه السلام يعلمكم دينكم فجعل ذلك كله دينا وما بين النبي صلى الله عليه وسلم لوفد عبد القيس من الإيمان وقوله تعالى ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قوله : ( باب سؤال جبريل عن الإيمان والإسلام إلخ )
تقدم أن المصنف يرى أن الإيمان والإسلام عبارة عن معنى واحد , فلما كان ظاهر سؤال جبريل عن الإيمان والإسلام وجوابه يقتضي تغايرهما وأن الإيمان تصديق بأمور مخصوصة والإسلام إظهار أعمال مخصوصة , أراد أن يرد ذلك بالتأويل إلى طريقته .
قوله : ( وبيان )
أي : مع بيان أن الاعتقاد والعمل دين , وقوله " وما بين " أي : مع ما بين للوفد أن الإيمان هو الإسلام حيث فسره في قصتهم بما فسر به الإسلام هنا , وقوله " وقول الله " أي : مع ما دلت عليه الآية أن الإسلام هو الدين , ودل عليه خبر أبي سفيان أن الإيمان هو الدين , فاقتضى ذلك أن الإسلام والإيمان أمر واحد . هذا محصل كلامه , وقد نقل أبو عوانة الإسفراييني في صحيحه عن المزني صاحب الشافعي الجزم بأنهما عبارة عن معنى واحد , وأنه سمع ذلك منه . وعن الإمام أحمد الجزم بتغايرهما , ولكل من القولين أدلة متعارضة . وقال الخطابي : صنف في المسألة إمامان كبيران وأكثرا من الأدلة للقولين , وتباينا في ذلك . والحق أن بينهما عموما وخصوصا , فكل مؤمن مسلم , وليس كل مسلم مؤمنا . انتهى كلامه ملخصا . ومقتضاه أن الإسلام لا يطلق على الاعتقاد والعمل معا , بخلاف الإيمان فإنه يطلق عليهما معا . ويرد عليه قوله تعالى ( ورضيت لكم الإسلام دينا ) فإن الإسلام هنا يتناول العمل والاعتقاد معا ; لأن العامل غير المعتقد ليس بذي دين مرضي . وبهذا استدل المزني وأبو محمد البغوي فقال في الكلام على حديث جبريل هذا : جعل النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام هنا اسما لما ظهر من الأعمال , والإيمان اسما لما بطن من الاعتقاد , وليس ذاك لأن الأعمال ليست من الإيمان , ولا لأن التصديق ليس من الإسلام , بل ذاك تفصيل لجملة كلها شيء واحد وجماعها الدين , ولهذا قال صلى الله عليه وسلم " أتاكم يعلمكم دينكم " وقال سبحانه وتعالى ( ورضيت لكم الإسلام دينا ) وقال ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ) ولا يكون الدين في محل الرضا والقبول إلا بانضمام التصديق . انتهى كلامه . والذي يظهر من مجموع الأدلة أن لكل منهما حقيقة شرعية , كما أن لكل منهما حقيقة لغوية , لكن كل منهما مستلزم للآخر بمعنى التكميل له , فكما أن العامل لا يكون مسلما كاملا إلا إذا اعتقد , فكذلك المعتقد لا يكون مؤمنا كاملا إلا إذا عمل , وحيث يطلق الإيمان في موضع الإسلام أو العكس , أو يطلق أحدهما على إرادتهما معا فهو على سبيل المجاز . ويتبين المراد بالسياق , فإن وردا معا في مقام السؤال حملا على الحقيقة , وإن لم يردا معا أو لم يكن في مقام سؤال أمكن الحمل على الحقيقة أو المجاز بحسب ما يظهر من القرائن وقد حكى ذلك الإسماعيلي عن أهل السنة والجماعة قالوا : إنهما تختلف دلالتهما بالاقتران , فإن أفرد أحدهما دخل الآخر فيه . وعلى ذلك يحمل ما حكاه محمد بن نصر وتبعه ابن عبد البر عن الأكثر أنهم سووا بينهما على ما في حديث عبد القيس , وما حكاه اللالكائي وابن السمعاني عن أهل السنة أنهم فرقوا بينهما على ما في حديث جبريل , والله الموفق .
قوله : ( وعلم الساعة )
تفسير منه للمراد بقول جبريل في السؤال متى الساعة ؟ أي : متى علم الساعة ؟ ولا بد من تقدير محذوف آخر , أي : متى علم وقت الساعة ؟ .
قوله : ( وبيان النبي صلى الله عليه وسلم ) هو مجرور لأنه معطوف على علم المعطوف على سؤال المجرور بالإضافة . فإن قيل : لم يبين النبي صلى الله عليه وسلم وقت الساعة , فكيف قال وبيان النبي صلى الله عليه وسلم له . فالجواب أن المراد بالبيان بيان أكثر المسئول عنه فأطلقه ; لأن حكم معظم الشيء حكم كله . أو جعل الحكم في علم الساعة بأنه لا يعلمه إلا الله بيانا له .
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قوله : ( باب سؤال جبريل عن الإيمان والإسلام إلخ )
تقدم أن المصنف يرى أن الإيمان والإسلام عبارة عن معنى واحد , فلما كان ظاهر سؤال جبريل عن الإيمان والإسلام وجوابه يقتضي تغايرهما وأن الإيمان تصديق بأمور مخصوصة والإسلام إظهار أعمال مخصوصة , أراد أن يرد ذلك بالتأويل إلى طريقته .
قوله : ( وبيان )
أي : مع بيان أن الاعتقاد والعمل دين , وقوله " وما بين " أي : مع ما بين للوفد أن الإيمان هو الإسلام حيث فسره في قصتهم بما فسر به الإسلام هنا , وقوله " وقول الله " أي : مع ما دلت عليه الآية أن الإسلام هو الدين , ودل عليه خبر أبي سفيان أن الإيمان هو الدين , فاقتضى ذلك أن الإسلام والإيمان أمر واحد . هذا محصل كلامه , وقد نقل أبو عوانة الإسفراييني في صحيحه عن المزني صاحب الشافعي الجزم بأنهما عبارة عن معنى واحد , وأنه سمع ذلك منه . وعن الإمام أحمد الجزم بتغايرهما , ولكل من القولين أدلة متعارضة . وقال الخطابي : صنف في المسألة إمامان كبيران وأكثرا من الأدلة للقولين , وتباينا في ذلك . والحق أن بينهما عموما وخصوصا , فكل مؤمن مسلم , وليس كل مسلم مؤمنا . انتهى كلامه ملخصا . ومقتضاه أن الإسلام لا يطلق على الاعتقاد والعمل معا , بخلاف الإيمان فإنه يطلق عليهما معا . ويرد عليه قوله تعالى ( ورضيت لكم الإسلام دينا ) فإن الإسلام هنا يتناول العمل والاعتقاد معا ; لأن العامل غير المعتقد ليس بذي دين مرضي . وبهذا استدل المزني وأبو محمد البغوي فقال في الكلام على حديث جبريل هذا : جعل النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام هنا اسما لما ظهر من الأعمال , والإيمان اسما لما بطن من الاعتقاد , وليس ذاك لأن الأعمال ليست من الإيمان , ولا لأن التصديق ليس من الإسلام , بل ذاك تفصيل لجملة كلها شيء واحد وجماعها الدين , ولهذا قال صلى الله عليه وسلم " أتاكم يعلمكم دينكم " وقال سبحانه وتعالى ( ورضيت لكم الإسلام دينا ) وقال ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ) ولا يكون الدين في محل الرضا والقبول إلا بانضمام التصديق . انتهى كلامه . والذي يظهر من مجموع الأدلة أن لكل منهما حقيقة شرعية , كما أن لكل منهما حقيقة لغوية , لكن كل منهما مستلزم للآخر بمعنى التكميل له , فكما أن العامل لا يكون مسلما كاملا إلا إذا اعتقد , فكذلك المعتقد لا يكون مؤمنا كاملا إلا إذا عمل , وحيث يطلق الإيمان في موضع الإسلام أو العكس , أو يطلق أحدهما على إرادتهما معا فهو على سبيل المجاز . ويتبين المراد بالسياق , فإن وردا معا في مقام السؤال حملا على الحقيقة , وإن لم يردا معا أو لم يكن في مقام سؤال أمكن الحمل على الحقيقة أو المجاز بحسب ما يظهر من القرائن وقد حكى ذلك الإسماعيلي عن أهل السنة والجماعة قالوا : إنهما تختلف دلالتهما بالاقتران , فإن أفرد أحدهما دخل الآخر فيه . وعلى ذلك يحمل ما حكاه محمد بن نصر وتبعه ابن عبد البر عن الأكثر أنهم سووا بينهما على ما في حديث عبد القيس , وما حكاه اللالكائي وابن السمعاني عن أهل السنة أنهم فرقوا بينهما على ما في حديث جبريل , والله الموفق .
قوله : ( وعلم الساعة )
تفسير منه للمراد بقول جبريل في السؤال متى الساعة ؟ أي : متى علم الساعة ؟ ولا بد من تقدير محذوف آخر , أي : متى علم وقت الساعة ؟ .
قوله : ( وبيان النبي صلى الله عليه وسلم ) هو مجرور لأنه معطوف على علم المعطوف على سؤال المجرور بالإضافة . فإن قيل : لم يبين النبي صلى الله عليه وسلم وقت الساعة , فكيف قال وبيان النبي صلى الله عليه وسلم له . فالجواب أن المراد بالبيان بيان أكثر المسئول عنه فأطلقه ; لأن حكم معظم الشيء حكم كله . أو جعل الحكم في علم الساعة بأنه لا يعلمه إلا الله بيانا له .
الخميس نوفمبر 28, 2013 10:09 am من طرف admin
» سيف الله المسلول
الخميس نوفمبر 28, 2013 10:01 am من طرف admin
» تفسير آيات الصيام في سوره البقرة
الخميس مايو 05, 2011 11:16 pm من طرف فهوودي
» قضية اللغة والصوت للخليل
السبت أبريل 02, 2011 10:36 am من طرف admin
» آية الصوم من سورة الأحزاب:
السبت أغسطس 21, 2010 1:50 pm من طرف ابن الازهر
» آيات الصوم من سورة المجادلة:
السبت أغسطس 21, 2010 1:43 pm من طرف ابن الازهر
» آيات الصوم من سورة المائدة:
السبت أغسطس 21, 2010 1:36 pm من طرف ابن الازهر
» آية الصوم من سورة النساء
السبت أغسطس 21, 2010 1:29 pm من طرف ابن الازهر
» كيف نستقبل شهر رمضـان ؟
الجمعة أغسطس 20, 2010 2:34 pm من طرف admin